منذ ان ولدنا واذاننا تربت على شعارات وكلمات حفرت فى اذهاننا باسم العروبة , العروبة التى تلاشت منذ عقود بداخلنا ولم يتبقى الا الرمز وفقط فى قمم الجامعه العربية الواهية ..
تربينا على الشجب والادانة , تربينا على المشاهدة ومناجاة الخالق دون نجاة الافراد , تربينا على صور المذابح والاهانات المستمرة لنا , ونزلنا مظاهرات فى جميع دولنا العربية ايضا بأسم التنديد مرارا وتكرارا .
ضربنا واعتقلنا وسحلنا وعلى يد من حكمونا فى ازمنة سميت بأزمنة " الحرية والديمقراطية " , عشنا سياسات تقشفية من طرف واحد , وولدنا على اصوات اطلاق الرصاص وترعرعنا على اسم الارهاب بإسم الاسلام وانتفاضات فى فلسطين وحرب فى لبنان والعراق والكويت وايران .
وكانت ولا زالت حقبة مليئة بالدماء العربية التى اغرقت الكرة الارضية ولكن لا صوت يسمع لنا فكانت اولى السياسات التى احتذيناها كشعوب عربية دمائنا لم تنتهى بعد ..
سياسة " قاطعوهـــــــــــــم " , منذ الصغر وانا انصت الى هذه الكلمة التى لها صدى على كثير منا كصغار وكبار .. قاطعوهم من اجل حرية الاعتقاد ... قاطعوهم من اجل حرية الحجاب فى فرنسا ... قاطعوهم لاهانه رسولنا الكريم عليه افضل الصلاة والسلام بالرسوم المسيئة ... قاطعوهم ضد الحرب على العراق ... قاطعوهم من اجل المسجد الاقصى ... واخيرا قاطعوا روسيا والصين من اجل سوريا ..... قاطعوا وقاطعوا وقاطعوا ....
كنا جميعا نشتعل حماسا ولدينا رغبة حقيقيه وجامحه للمقاطعه كشعوب تنزف دما يوما تلو الاخر ... ولكن كانت حكوماتنا الحاكمه فى واد ونحن فى واد اخر .
وعندما كبرت قليلا وبدأ عقلى يقترب للنضج , تأكدت ان هذه السياسة الشعبيه رغم نيتها البريئة ومحاولة منا كشعب اكيدة فى عمل شئ ايجابى , إلا انها لم تفعل شيئا فعال فى الحقيقه , ووجدت تقاربا شديدا فى وجه الشبه بين ما سأرويه عليكم الان وما نقوم به نحن فى هذه السياسه " الوقتيه ".
فعندما يجلس طفل يبكى تأتى له والدته بالطعام كى يأكل ويرفض الطفل هذا الطعام فى سبيل المقاطعه لهدف ما فى رأسه يريد ان يحقق له من قبل والدته ..... فهناك احتمالين اما ان توافق والدته على طلبه كى تنتهى من بكاءه المستمر بشكل مؤقت او الا توافق على طلبه وتتركه لانها على ثقه فى انه سيعود لها قريبا
فنتخيل انها خدعته وقالت انها ستحضر هذا الشئ له فى القريب العاجل حتى تهدئ من روعه فإنه سيأتى لها فى النهايه راكعا طالبا الطعام لانه فى حاجه اليه وفى حاجه الى والدته دوما .
لذلك بعد هذا المثل البسيط اريد ان اقول ان سياسة المقاطعه مع من هو اقوى منك تشبه كثيرا هذا المثل السابق .. فإنك الخاسر رغما عنك وليس هم لانك لا تمتلك شيئا فى النهايه تستطيع ان تساومهم عليه او بمعنى ادق لا تعرف قوتك الحقيقه التى من الممكن عن طريقها تتغير الخطه العالمية.
هم على ثقه من ضعفك لانهم لم يجدوا منك الا اقل القليل صوتا عاليا ولا فعل .... فنحن منذ امد طويل نعيش عيشه الطفل الذى يبكى حتى يأخذ ما يريد ... تارة ينجح فى ذلك وتارات اخرى يفشل.
نحتاج الى سياسات اكثر حزما وشدة ...وقبل الحزم والشدة نحتاج الى ان نعرف قدراتنا الحقيقه التى استطاع الغرب ان يحبسها ويلجمها ... نحتاج الى تغيير الكثير من طريقه التفكير واخذ القرارات بعد الربيع العربى على امل ولو بعيد ان يأتى بشئ اذا لم يكن لنا الان فليكن لاجيال ستحارب من اجل نصرتنا